إلياس خوري أبوابٌ عديدة للشّمس
البدايات
كان الشّابّ الأعسر، ذو السّبعةِ والعِشرينَ عامًا، يَسيرُ في شوارع بيروت، قادِما من حيِّ الأشرفيّة، متوجِّها إلى موعدٍ مصيريٍّ مع أكبر ناشِرٍ في بيروت والعالم العربي، الصّحفي والرّوائيّ سهيل إدريس، مؤسّس دار الآداب العريقة. كان على قلقٍ لسماعِ رأي الأدِيب الكبير في مخطوط الرّواية الأولى للأديب النّاشئ، وإذا ما كان سينشرُها. كانَ رأسُ ابن الأشرفيّة عامِرا بأحلامِ الشّمس، إذ أنّ النّشر في “الآداب” سيكون بمثابةِ الخطوة الأولى نحو صعودِ درجِ الكتابة الوعر. لم يكن في جيبِ “غاندي الصّغير” سوى ليرتين أنفقهما في الطّريق على المواصلات وسندويتش “فلافل”. استقبله سهيل إدريس في مكتبه بعنجهيّةٍ لا تخلو من سُخرية كانت من طباعه المعهودة. أخبره بأنّ روايته “عن علاقات الدّائرة” لم تُعجب لجنة القراءة، ثمّ أفسح المجال لصمتٍ بدأت تنغلقُ خِلاله في رأس الشّابِّ أبواب عديدة للشّمس. لكنّ إدريس استدرك وقال له “بسْ إحنا رح ننشر الرّواية.” تهلّل قلب الشّابّ ورمق الأديب الكبير بملامح باسمة لا تخلو من استفهامٍ حول هذا التّناقض الواضح في الموقف. أضافَ إدريس “رحْ ننشرها لأنّك رح تكونْ كاتب كبير.” وهكذا تلمَّسَ سهيل إدريس إشراقاتٍ سرديّة وملامح نشوء تنبئ بالنّبوغ داخل الرّواية رغم هناتها، وأدرك أنّه إزاء كاتب له حتْما ما يقول، إذا ما تجاوز عَثراته الأولى التي يقع فيها معظمُ الرّوائيّين. تابع إدريس “ورحْ نعطيك خمسين ليرة حقوقك الآن.” أجاب خوري “أستاذ سهيل، ممكن اثنين وخمسين ليرة؟” سأله إدريس عن سبب اللّيرتين الإضافيّتين وأجاب خوري بأنّه في طريقه رأى حذاءً أعجبه في أحد المحلاّت بخمسين ليرة بالضّبط، وأنّه يحتاج إلى ليرتين إضافيّتين للمواصلات وسندويتش “فلافل” على الطّريق. فما كان من سُهيل إدريس إلاّ أن أجابه “شو؟ رحْ تدوس علينا من أوّل رواية؟” ومن هذه الطّرفة بُنيتْ بين الكاتِبين صداقة متينة وطويلة استمرّت قرابة الثّلاثة عقود قوامها الإيمان بالكلمة والانتصار للحياة، رغم خيبات الحروب والخسارات الكثيرة، ليواصِل خوري بعد ذلك نشر أعماله المقبلة في دار الآداب من “أبواب المدينة” و”رحلة غاندي الصغير” مرورا بـ”باب الشّمس” أشهر رواياته وصولا إلى ثلاثيّة “أولاد الغيتو” عمله الأخير، وغيرها من الكتابات. انتمى في الأثناء إلى أسرة دار الآداب مقيّما ومنقّحا ومراجعا للكتب ومحدّدا للخطّ التّحريري للدّار.
هكذا إذن كانت بداياتُ الرّوائيّ قبل أن يمتهِن الصّحافة في في عديد المنابر المكتوبة العريقة من ضمنها جريدتا “السّفير” و”النهار” ومجلّات “شؤون فلسطينيّة” و”الكرمل” و”بدايات” التي كان من مؤسِّسيها.
باب الشّمس
يُؤمن إلياس خوري بأنّ الحرب مادّةٌ تنهلُ منها الثّقافة بمعناها الفنّي والمعرفيّ ولاسيّما الأدبيّ، عبر التّعبير عن هشاشة البشر وهم يعيشون تحت وطأتها ويخوضُونها. وهو يكتُبُ عن وعي من منطق أنّ الأدب هو مرآةٌ للنّاس. وبما أنّه خاض هذه الحرب الفلسطينيّة – الإسرائيليّة ومن بعدها الاجتياح الإسرائيليّ للُبنان مناضلا ومواطنا عربيّا مثقّفا فإنّ دوره روائيّا هو الكتابة عن تلك المناخات والحرص على أن يكونَ أدبهُ انعِكاسا جماليّا لحياةِ شعبه. يتنزّل موقف إلياس خوري الإنساني جليّا في أعماله، وهو موقفٌ مع القضايا العادلة ضدّ الوحشيّة والطّغيان واستلاب الأوطان. فالنّضالُ السّياسي يتكامل مع المُنجز الأدبيّ، لا سيّما أنّنا إزاء كاتِبٍ مُدركٍ لفنّه فلا يقع مطلقا في الشِّعاراتيّة مثلما وقع فيها بعض من شعراء المقاومة خاصّة في بداياتهم. يريدُ إلياس خوري من قارئه أن يتلمّس شخصيّاته ويعيش معها معاناتها وأزماتِها وانتشاءاتها الصّغيرة وأحلامها، وهي تخوض حربا مع عدوٍّ وحشيّ، غاصب، لا يمكن التنبّؤ به.
تندرج رواية “باب الشّمس”، الأشهر من بين أعمال إلياس خوري، في هذا السّياق. فيكون الإطار العامّ هو المعاناة الفلسطينيّة فيما ينحازُ الكاتب للأفراد في حياتهم الشّخصيّة. فحتّى إن جاءت الرّواية تأريخا لمسار النّكبة فهي في النّهاية قصّة حبّ بين المناضل يونس الأسديّ وزوجته نهيلة. يؤكّد خوري هذه الفكرة: “كتبتها وكان برأسي أمرٌ واحد، هو أن أكتب قصّة حبّ. كنت أتساءل دائما لماذا قصص الحبّ عند العرب مخترعة وليست حقيقيّة؟ لماذا لا أكتب بكلّ بساطة عن حبّ رجلٍ لزوجته؟ وهذا ما كان.” فباب الشّمس إذن ليست سوى بابٍ مُشرعٍ على الحبّ في أصالته في خضمّ خلفيّةِ الحرب التي دعّمت هذه الأصالة، عبر تعميق العلاقة بين يونس ونُهيلة رغم البُعد والمطاردة. الحربُ إذن عامِلٌ يخدِمُ الحبّ الذي يؤكّد في النّهاية بأنّ الإنسان قادر على ابتكار قِيَمِه والعيش بها مهما كانت الظّروف. يضطرّ المناضل يونس الأسدي إلى ترك فلسطين نحو لبنان ويظلّ متعلّقا بطيفِ نُهيلة وهي تجتاز باب الشّمس، فتحة الكهف الذي كان يختبئ فِيه من الإسرائيليّين، مُحضِرةً معها عِنبها وجَمالها. يُفاجئنا إلياس خوري في هذه الرّواية بتقنية جديدة وطارئة لا على السّرد العربي فحسب، بل على مدوّنته الخاصّة. فالرّواية مكتوبةٌ بضمير المُخاطَبِ وَفق حيلةٍ روائيّةٍ مُقنعة اختارها إلياس خوري وهي مُخاطَبةُ خَليل، الممرّض، لوالده يونس الأسديّ وهو في غيبوبة، لأنّ ذلك يساعده على استعادةِ وعيه ومداركه. يجلس خليل بجوار والده على كرسيٍّ قرب الفراش لتتنزّل حياة يونس الأسديّ في الرّواية في خطابِ ابنه له، مُحاوِلا استثارة ذاكرته، وهي لُقيةٌ سرديّة ذكيّة من الكاتب.
صُنِّفت “باب الشّمس” من ضمنِ أفضل مائة رواية عَربيّة، وتحوّلت إلى فيلم أيقونيّ من إخراج يسري نصر الله. لكنّ مآلها تَجاوز الرّواية نفسها نحو الواقِع المَعيش. حيثُ أنشأت مجموعةٌ من الشّباب في أكتوبر سنة 2014، قريةً من الخيام في أرضٍ قرب القدس كان الاحتلالُ قد خصّصها للاستيطان، وأطلقوا عليها اسم باب الشّمس، في إشارةٍ مباشرة إلى الرواية. دمّر جيش الاحتلال القرية مثلما دمّر وطنا بأكمله، وكان إلياس خوري يشعر بالفخر لهذه القرية التي تؤكّد أنّ الأدب بإمكانه أن يؤثّر في الواقع طالما يؤثّر في الأفراد. يعلّق خوري على هذه الحادِثة في محاضرته “الكتابة والألم” التي ألقاها في الدورة الثانية من ملتقى تونس للرواية العربية المُنعقد في تونس عام 2019، قائلا “كانت تلك اللّحظات بالغة الصّعوبة لأنّني، أنا المقيم في بيروت، لم يكن في استطاعتي الالتحاق بالقرية التي طلبت من مؤسِّسيها اعتباري مواطنا فيها، وانتابني الخوف من مصير أبناء القرية وهم يواجهون قمع جيش الاحتلال وقراره بهدمها.” ولنا أن نتساءل هل بإمكانِ الأدب التّأثير في الواقع أكثر من هذا؟ وعلى غرار شخصيّات “خورخي أمادو” التي تُسمّى بها شوارع البرازيل، لا نعثُر إلاّ لِمامًا على نماذج من تأثيرٍ مُشابِهٍ للأدبِ في الحياة العامّة.
هذا الالتزامُ في الكتابة إذًا، ليْس التزاما نابِعا من الانتماء فحسب، بل هو موقفٌ إنسانيّ كونيّ وأخلاقيّ يرى خوري أنّه الوحيد الذي يجب أن يظلَّ ثابِتا. لا تشكّل القضيّة إلاّ جزءا من هذا الموقف الشّامل المنحاز إلى الإنسان. يُعِدُّ إلياس خوري الحياةَ سلسلةً من الهزائم الاجتماعيّة والسّياسيّة التي تؤثِّر في الحياة الفرديّة للبشر شاؤوا ذلك أم رفضوا. والأدب من بين الوسائل التّعبيريّة المتاحة لدى الإنسان لإظهار هذا التأثير والتّعبير عن إشكاليّاته في الحياة اليوميّة. يوحِّدُ هذا الأُفق الرّحب والكونيّ للكتابة جميعَ القرّاء إذ يلامس وجدانهم عبر القيم التي تجمعهم. يؤمن خوري أيضا بأنّ الأدب هو المكان الوحيد الذي يُحاور فيه الأحياء الموتى عبر القراءة. فالنصّ محكومٌ بأن يعيش بعد صاحبه، وهو أهمّ منهُ، فأحيانا نقرأ شاعِرا من العصر العبّاسي كأنّه يعيش معنا الآن.
محمود درويش
يحتفظ إلياس خوري بصداقة عميقة وطويلة مع الشّاعر محمود درويش. وهي صداقة غذّتها السّنوات والتّجربة المشتركة في الصحافة الثّقافيّة لا سيّما في مجلّتيْ “الكرمل” و”شؤون فلسطينيّة”، وفي مسيرة النّضال ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ أيضا. تعرّف إلياس خوري إلى درويش للمرّة الأولى في بيروت سنة 1972 حين انضمّ إلى أسرةِ مركز الدّراسات الفلسطينيّة وبعدها مجلة “مواقف”، لتتوطّد بينهما أواصر الصّداقة إلى حِين وفاةِ درويش سنة 2008. كان خوري يعتدُّ بتجربةِ صديقه الشّعريّة إلى درجةِ أنّه يحفظ مقاطعَ طويلة من شعره “أكثر منه”، ويستحضرها من ذاكرته كلّما اشتاق إلى صديقه الحاضِر دوما في روحه شِعرا وذكريات. يرى خوري أنّ شِعر درويش ينقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى التي ارتبط بها بشعر المقاومة وكان قريبا بعض الشّيء من الشّعاراتيّة من قبيل “سجِّلْ أنا عربي”، ومرحلة ثانية شديدة الأهمّية، سطّرت مسار الشّاعر في العالم وهي بعد قيامه بالعمليّة الجراحيّة الأولى على القلب وحاور الموتَ للمرّة الأولى في قصيدته الطّويلة والأشهر “جدارية” التي يعدّها خوري وكثيرون معه بأنّها من أفضل ما كتب الشّاعر. كان درويش وفيّا لاستلهاماته الميثولوجيّة في هذه القصيدة، أو لعلّها القصيدة الأكثر ميثولوجيّةً في شعره، إذ يقتبِس فكرة كتاب الموتى لدى الفراعنة الذي يقول بفكرة أنّ هناك امرأةً تأتي للميّتِ وتعطيه اسما جديدا لعيش به في الحياة الأخرى. لتبدأ القصيدة:
“هذا هو اسمك
قالتِ امرأةٌ
وغابتْ في الممرّ اللّولبيّ
أرى السّماء هناك في متناول الأيدي
ويحملني جناح حمامةٍ بيضاء
صوب طفولةٍ أخرى
ولم أحلم بأنّي كنتُ أحلم
كلّ شيءٍ واقعيّ.”
يرى خوري أنّ هذه المحاورة المنبعثة من صميم التّجربة الخاصّة كانت تحوّلا مفصليّا في مسيرة درويش الشّعريّة، وأخرجته من تصنيف “شاعر المقاومة” إلى الشّاعر العالمي الملامِسِ للميثولوجيا الكونيّة، مستلهما حياته وموته في الآنِ ذاته. لا يُعِدُّ إلياس خوري محمود درويش صديقا فحسب بل رفيق درب، قطع معه محطّاتٍ كثيرة في الحياة، وهو كما يؤكّد في أكثر من مرّة “شاعره الشّخصيّ.” لدرويش علاقة خاصّة بالموت منذ أن أصيب بمرض شريانِه الذي أدّى إلى وفاته في النّهاية. وهذه التّجربة غذّتْ شعره كثيرا. يستذكر خوري ما يسمّيه “ملايين الذّكريات” ولكنّ ذكرى واحدة ظلّت عالِقةً في ذهنه وهي قبل إجراء درويش للجراحة على قلبه في “هيوستن” بستّة أشهر، إذ زار بيروت قادما من باريس والتقى بصديقه خوري ليُرافِقه لزيارة المستشفى والتقيا بواحد من أفضل اختصاصيّي القلب في لبنان وكان جوابه سيّئا عن وضع محمود درويش الصّحيّ، وحين خرجا وبدلا من الحزن، ذهبا لشربِ كأسٍ على نخبِ الحياةِ ونخب الموت. وقرآ الشّعر.
الفكر السّياسيّ
يُعدّ إلياس خوري من “المفكّرين الشعبيّين” إذا صحّ التّعبير، لانحيازه إلى النّاس نصّا ونِضالاً. ولعلّه يعيد بذلك للرّوايةِ أصالتها، حين نشأتْ الحكاية شفويّا بين النّاس للتّسلية والتّرويح عن أنفسهم قبل أن تتحوّل إلى كتابة. يقتربُ خوري من النّاس كِتابةً إلى درجةِ الإسهاب أحيانا في استعمالِ اللّغة العاميّة اللّبنانيّة. وهو ما نجده في باب الشّمس ولاسيّما في رواية “يالو” التي جاءت في شكلِ اعترافاتٍ لحارس بناية أمام المحقّق، فنرى صفحاتٍ عديدة يعتمد الرّاوي فيها اللّغة الدّارجة أو ما يُسمّى باللّغةِ الوسيطة أي بين العامّية والدّارجة. أمّا النِّضال فقد استهلّه منذ كان عمره تسع عشرة سنةً، إذ هاجر إلى الأُردن ليزور مخيّما للّاجئين الفلسطينيّين ثمّ التحق بحركة فتح المقاومة، وظلّ على موقفه المدافِع على القضيّة الفلسطينيّة حتّى استقرار منظّمةِ التّحرير في بيروت. برز إلياس خوري بمقالاته الصّحفيّة وكتبه الفكريّة أهمّها “زمن الاحتلال” كمدافع في الصفِّ الأوّل عن القضيّة الفلسطينيّة مع أسماءٍ أخرى أبرزها سميح القاسم ومحمود درويش وسمير قصير وإدوارد سعيد. ويظلّ هذا الدّفاع نابعا من حسٍّ إنسانيّ عميق، مفاده أحقّية جميع البشر في الحرّية والعيش الكريم. يقول في هذا الإطار في مقال له مع ليانة بدر في صحيفة الأيّام “أنا منحازٌ لهذا الشّعب، وليس إلى فلسطين الجغرافيا التي يتغنى بها الجميع بل ويتاجر بقضيِّتها. الجميع يحبّ فلسطين أمّا أنا فأحبّ الشّعب الفلسطينيّ.” لم يكن خوري مناصِرا للقضيّة فحسب بل كان كذلِك مناهِضا لكلّ أشكال الدّكتاتوريّة في الأنظِمة العربيّة، ليكون بذلك مسانِدا للثّورات في سياق تحرّكات 2011، ويعتبر أنّها ساهمتْ بشكلٍ كبير في كسرِ الحواجز البوليسيّة المسلّطة على الحرّيات والتّعبير. وانتقد خوري فِكر الاستعجال الذي مارسه عديد المثقّفين العرب على سياق الثّورات، مُطالِبين إياها بالنّتائج، معتبرا أنّ الثّورات لا تُقاسُ بنتائجها وإنّما تستمدّ أهمّيتها من حدوثها نفسه وسياقِها ومن قدرتها على إيقافِ مسار الدّكتاتورية وتعطيل نظامه. وهذا تحديدا ما يوكله للثورات العربية في توصيفها. لإلياس خوري وجهةُ نظرٍ خاصّة من الحركات الإسلاميّة المتطرِّفة إذ يرى أنّها حركاتٌ ظرفيّة، غير قادرة على التّوطين طويلا، لأنّها عاجزة بكلّ بساطة عن إنتاج أدب. قد تملك الترسانات العسكرية والأسلحة لكنّها تظلّ عاجزة عن إنتاجِ روائيٍّ واحد أو شاعِرٍ واحد. الأدبُ مرآة البشر، ولا يمكن لهذه الجماعاتِ أن تملك وجدان البشر إلاّ بتسليط العنف. قد تدوم هذه الحركات مائة سنة وأخرى بضع سنوات، سيّان، ولا تنتج شيئا في الثقافة.
لم يكن إلياس خوري روائيّا فحسب، بل فكرةً متشظّية بالذّكاء، قوامها محبّة المعرفة والحياة بدرجة أولى والإيمان بقيم الحبّ والعدالة والجمال. لم يودّع خوري الحياة، ولم يكن في نيِّتِه توديعها، بل رقصَ رقصةً هادئة، حالمة وجميلة، مع ابنته، على أغنية “فرانك سيناترا”، “غريبانِ في اللّيل”، ثمّ رحل، وكان نُورا أضاء جزءا من ليلِ العالم الطّويل.